هل عادةً ما تضيّع مفاتيح السيارة؟ وتنسى أين تركت هاتفك؟ وهل إذا ما زرت مكاناً جديداً يصعب عليك تذكر أين جهة المدخل وكيف تحركت خلال المبنى؟ هل يصعب عليك تذكر أين ركنت السيارة؟ هل تذكر أماكن الأشياء ومواقع الغرف أم يصعب عليك ذلك؟ يمكننا لوم الذاكرة المكانية المسؤولة عن كل ذلك. استمر في قراءة المقال لتفهم أكثر عن الذاكرة المكانية وطرق تنشيطها.
الذاكرة المكانية Spatial memory هي جزء الذاكرة المسؤول عن تسجيل معلومات عن المحيط والتوجه المكاني، وتعنى بتخزين وإعادة استرجاع المعلومات في الدماغ والتي ترتبط بتخطيط مسار للوصول لموقع معين وتذكّر مكان غرض ما تركته أو أين تمت إقامة حدث ما. القدرة على المشي في غرفتك في الظلام دون الاصطدام بقطع الأثاث. وتذكر المسار اليومي في محيطك وأين وضعت أشياءك هي وظائف يومية مهمة وهي تعتمد على الذاكرة المكانية. تعمل هذه الذاكرة بمعظم الأحيان على مستوى اللاواعي بمجرد تأسيسها في الدماغ. مترجم بتصرّف من البحث هنا
لنفترض أنك في مسارٍ ما وتفتّش عن عنوان معين، لأجل الوصول لذلك العنوان بنجاح أنت تحتاج أن تنتبه لبعض العلامات المكانية التي تمر بها والاحتفاظ بالمعلومات المتعلقة بمواقع هذه المناطق في الفراغ. هذه المعلومات تملأ حيّز ذاكرتك المكانية التي بدورها تُضعف عمل الإدراك المكاني. بمعنى آخر أنك تعيش بوضعية الطيار الآلي فتقوم بالمهمات دون التفكير فيها لأنك قد قمت بها العديد من المرات سابقاً. فواقع الحياة اليومية هو عبارة عن تدفق المعلومات المعتاد فيتم التعامل معه على أنها وجود قد تم تجربته.
مناطق الدماغ المعنية بهذا الاتصال بين الذاكرة المكانية والإدراك المكاني هي وصلات عصبية في الفص الجبهي والفص الجداري في شق الدماغ الأيمن. والعلاقة بين الذاكرة المكانية والإدراك المكاني يمكن التأثير عليها بتغيير العادات كالانتباه للتفاصيل التي يعمل الدماغ على تجاهلها. وعلى مستوى الخلية هناك عدة أنواع من الخلايا تسمى الخلايا المكانية place cells والخلايا الشبكية grid cells وخلايا الحواف border cells تخبرنا الدراسة هنا أن في جزء الدماغ المسمى Hippocampus الموجود في الفص الصدغي هناك خلايا تم تسميتها بالخلايا المكانية وهي مجموعة أعصاب عندما يتم تنشيطها لدى فئران التجارب في تجربة المتاهة يمكن للحيوان من خلالها الاستدلال على المدخل ويتم ربطه بمكان محدد في محيطه بما تم تسميته النطاق المكاني. بمعنى آخر تفعيل الخلايا المكانية يساعدنا في معرفة موقعنا في المحيط. يمكنك الاطلاع على المخطط التالي المنقول من بحث علمي (رابط البحث هنا) والذي يوضح موقع الجزء المعني من الدماغ بهذا النوع من الذاكرة والخلايا المكانية والنطاق المكاني وكيفية عملهم في حال دخول متاهة. يمكنك قراءة الرموز التوضيحية المرتبطة بكل خلية والمشار إلى ارتباطها في النطاق المكاني في المتاهة بالنسبة لدماغ الفأر.
في الأعمار الأصغر وخاصة في فترة الطفولة المبكرة يمكن ملاحظة هذا النوع من الذاكرة يعمل بكفاءة عالية ويمكن للأطفال تذكر أماكن الأشياء بدون جهد، وكلما تقدم العمر زاد تراكم المعلومات في الذاكرة وأدى ذلك إلى وضع الذاكرة في موضع القائد الآلي. فيصبح الطفل ميسّراً حافظاً الاتجاهات دون الإدراك الأعمق للمكان. يمكنك الاطلاع على هذه الدراسة التي تم عملها على فئتين من الأطفال بمجموعتين عمريتين وأتت بنتائج كالتي تم وصفها.
التراجع بكفاءة الإدراك المكاني يأتي بسبب وضعية القائد الآلي التي يتم اتخاذها فهذا يُضعف عيش اللحظة والإحساس بالمكان. هنا نفهم أن التقدم بالعمر يضعف الإدراك المكاني ما لم يتم تنشيط الذاكرة المكانية كما أن التوتر والإرهاق يضعف الإدراك المكاني ويؤدي إلى تدهوره. كما أن معظم طريقتنا في استخدام هذا النوع من الذاكرة يعتمد على أنها قصيرة المدى، ويمكن للتدريب أن ينقلها إلى ذاكرة جيدة طويلة المدى.
يمكنك عمل الاختبار هنا لتقييم مستوى ذاكرتك المكانية وتدريبها. الاختبار يتيح لك التحكم بالسرعة وعدد الخطوات. ومع مزيد من التدريب يمكن أن تدرك ذاكرتك بعدد لامحدود من الحركات والمواقع.
كما يمكنك الاطلاع على هذا الفيديو وتقييم ذاكرتك
في المقال اللاحق سنورد تدريبات خاصة لتنشيط هذه الذاكرة. كما يمكنك الاطلاع على المقال السابق لقراءة موضوع الذاكرة التصويرية