هذا المقال يبحث في الغضب كأحد مستويات الوعي (أو اللاوعي) المتحكمة بالفرد. هذا المقال معتمد بمجمله على كتاب Never Get Angry Again ، ترجمتي (لن تغضب مجدداً) للكاتب David Lieberman الكتاب يتحدث عن الغضب بوجهة نظر مختلفة ويطرح حلولاً قابلة للتطبيق
يرجى الأخذ بعين الاعتبار أن هذا الملخص مأخوذ لبعض أقسام كتاب التي نراها مهمة ومؤثرة في عملية التشافي من الغضب، ومع ذلك فهذا الملخص لا يغني عن قراءة الكتاب. كما أنه وجب توضيح أن لغة الكتاب الأصلية هي الإنجليزية وغير متواجد بالعربية حتى وقت كتابة هذه المدونة، فكان اجتهاد شخصي ترجمة أجزاء من الكتاب وتلخيصها بأسلوبي
الموقع الإلكتروني الرسمي لمؤلف الكتاب https://drdavidlieberman.com/
الغضب من أنفسنا هو الغضب على العالم
عزلة عن النفس وانفصال عن الآخرين
لماذا يقوم الأذكياء بتصرفات غبية
كلما ازداد انعدام المسؤولية لدى الفرد وزاد سلوكه إهمالاً، يزداد تضخم الإيجو الخاص بهذا الفرد لتعويض مشاعر الذنب، وانعدام الأمان والعار لديه. بهذا يمكن القول أن نظرتنا تضيق ويصبح تركيزنا على أنفسنا بدل العالم، وهذا يزيد من حساسيتنا وقلة استقرارنا لدرجة أن نرفض قبول حقيقة أنفسنا وحياتنا. الخوف من الألم يطغى هنا وقد يكون هذا هو المحرك لمشاعر الغضب لدى الفرد ، يتفاعل الإيجو هنا معك ليحميك ويحوّل اللوم لجهة أخرى بعيدة عنك
هذه الحلقة تدخل الفرد في تساؤل، إذا لم يكن هناك أي خطب فيَّ، فالأكيد أنه هناك خطب ما بالطرف الآخر. أو يتبنى منظور أن الحياة غير عادلة أو منظور أن الناس يسعون للإيقاع به. كلها محاولات لتشويه الحقيقة والعالم حولنا لأجل الحفاظ على صورتنا أمام أنفسنا. وبهذه الطريقة نفقد تكوين وجهة نظر حقيقية
عندما يفقد المرء صحته العقلية واتزان تقييمه للأمور، يفقد بطبيعة الحال كل نظرته السوية نحو العالم، فقدرته على أن يرى ويقبل ويستجيب لهذا العالم كلها تفقد
انعدام الاتزان المشاعري أو العاطفي هو مقعد الغضب، وهو بشكل عام غياب الوضوح لدرجة أن يكون الإيجو متربع على العرش
نحن مجبولون على محبة أنفسنا، لكن عندما يصعب علينا دعم ذواتنا بخيارات صحيحة وباحترام ذاتنا، نتجه للعالم من حولنا لتعويض هذه المحبة التي تنقصنا. نقوم بمحاولات يائسة لتحويل حبهم واحترامهم إلى مشاعر ترتبط بتقديرنا لذاتنا! وهذه معضلة، فتصبح صورتنا عن أنفسنا متغيرة باستمرار وهي حتماً مجرد انعكاس للعالم حولنا. وبهذا يضحى مزاجنا كالمادة الخام غير المصقولة، غير محصّن، سهل التأثر لكل شاردة وواردة أو تعليق أو نقد يصلنا من العالم حولنا
نحن نعتقد وبشدة أنه إذا اهتم الآخرون بي قهذا يعني أنه ربما أنا أستحق شيئاً ما. وربما قد أتمكن من محبة نفسي. وهذا المعتقد بالطبع ليس له أساس من الصحة، وهذا معتقد انطوت عليه العديد من العلاقات الفاشلة. عندما يكون تقديرنا لذواتنا معدوماً، نجتهد بإبعاد الناس الذين نرغب بهم بشدة؛ لأننا لا نستطيع أن نفهم لماذا يمكن لأي أحد أن يحب أحد ما غير محبوب مثلنا! وأي عاطفة تمر بنا يصعب علينا تقبلها! هذه اللفتات تشوشنا على الرغم أن الأصل منها أن تريحنا، وهنا الإيجو الآمر الناهي وبكل وضوح وحزم يفرض علينا أن نرفض الآخرين حتى قبل أن تكون لهم الفرصة لرفضنا.
لتلخيص المشكلات يمكن القول أنه كلما تردّى تقدير الذات لدينا، كلما ازدادت حاجتنا الملحة للتلاعب بالأحداث والناس حولنا، خاصة أولئك الأقربون إلينا إما علانية أو أو بشكل مستتر. قد نظن أن ضبط النفس self-control يعزز احترام الذات لذلك عندما نفشل في ضبط أنفسنا نلجأ للسيطرة على شخص آخر، أو شيء ما، أي شيء في سبيل تعويض الشعور بالسيطرة والقوة.
علينا هنا أن نذكر أن الأفراد عادة يخلطون بين الثقة بالنفس وتقدير الذات، على الرغم من أنهما مختلفان. الثقة بالنفس confidence هي شعورنا بمدى تأثيرنا أو فعاليتنا خلال موقف معين أو جانب ما. بينما تقدير الذات self-esteem يمكن تعريفها على أنها مقدار اعتقادنا بقيمتنا الحقيقية وشعورنا باستحقاق السعادة والحظ الطيب.
تقدير الذات يتشكل بجودة اختياراتنا أكثر من الممتلكات تحت تصرفنا. الفرد الذي يحاول حماية صورته عن ذاته self-image من خلال الاعتزاز بميزة ما قد يظهر علامات تقدير ذات عالٍ لعموم الناس لكن الحقيقة أنه عادة ما يعاني من تدني تقدير الذات فكل ما لديه هو إيجو متضخم.
عندما يعاني المرء من تدني تقدير الذات، لا يهم كم يبدو منجزاً فهو لا يزال معتمداً على كل أحد وكل شيء في عالمه ليعزز صورته عن نفسه المتداعية. الأبحاث في هذا المجال واضحة، إحساس الفرد sense of self المتضخم عن ذاته لا يأتي من تقديره لذاته self-esteem إنما من اشمئزازه من ذاته self-loathing
لا تقع في فخ الاعتقاد بأن الشخص ذو الإيجو المتضخم يحب نفسه؛ الإيجو وتقدير الذات يتناسبان عكسياً. بغض النظر عن كم يبدو هذا الشخص سعيداً بنفسه، فهو إن كان أناني فهو حتماً يعاني من إحساس بالدونية أو عقدة النقص. هذا ليس مجرد تصريح إنما هو قانون الطبيعة البشرية.
تعقيدات مشاعر الغضب عادة ما يتم تبسيطها وبالتالي عدم فهم أبعاد الغضب. يمكننا القول أننا نغضب لأننا خائفون أو أننا متألمون وهذا يمكن تشبيهه بمصباح يعمل لأن زر التشغيل تم ضغطه، وهذا صحيح لكن مذا عن المصدر الحقيقي وهو الاتصال بالكهرباء الذي لم ندخله بالمعادلة.
الألم بحد ذاته لا يقود للغضب، ولا حتى الخوف. تسلق الجبال وحل لعبة تقاطع الكلمات يمكنها أن تكون أنشطة مرهقة أو مؤلمة، القطار السريع في الملاهي أو أفلام الرعب يمكنها أن تكون مخيفة. لكن بالرغم من ذلك يمكن لها أن تكون في غاية المتعة. على الصعيد الآخر يمكن أن يتسبب ركض طفلك الصغير إلى الشارع، أو صراخ مديرك في العمل عليك يمكن لهذه الأحداث أن تتسبب بغضبك. ما الفرق بيك كل السيناريوهات المذكورة؟ السيطرة.
محرك الغضب هو ألم عاطفي أو جسدي لا يمكننا السيطرة عليه. الخوف يدخل اللعبة لأن الخوف بحد ذاته هو ألم عاطفي، على سبيل المثال الخوف من المجهول يحمل معه انعدام تام للسيطرة وهو قادر على منحنا ألم عظيم. الوجه الآخر لذات العملة: الألم الذي لا يمكن التنبؤ به ولا السيطرة عليه يحمل معه خوف، والخوف الذي لا يمكننا التنبؤ به أو السيطرة عليه مؤلم. نعلم الآن أن الإيجو يعشق السيطرة فحتى الألم العاطفي في سياقه المناسب (السياق المناسب أي المنظور الأوسع الخالي من الإيجو) يكون مخفّفاً. على سبيل المثال: صديقنا المقرّب يتلقى أخبار مأساوية وينفعل بشدة في مكانٍ عام، لكن مشاعر الإحراج لا تطغى على التعاطف مع ذلك الصديق في ألمه. ومثال أن يكون لدينا شخص نحبه وينفعل علينا بغضب لأننا تسببنا بألمٍ له، لكن بدل أن نشعر بالرفض، نشعر به ونسعى لتسكين مخاوفه.
نتائج الأبحاث تشير إلى الفشل في تهدئة النفس أو التنظيم الانفعالي الذاتي self-regulation معمّم لمعظم المشكلات الشخصية والاجتماعية المتفشية حالياً في عالمنا المتطور. هذه المشكلات مثل إدمان المخدرات والكحول والتدخين والجريمة والعنف، وضعف التحصيل العلمي والمقامرة والديون وإساءة استخدام بطاقة الائتمان، وقلة المدخرات المالية والغضب والحقد والخصومة.
الغضب يطلق هرمون التوتر الذي يسمى كورتيزول. التعرض الطويل لمستويات عالية من الكورتيزول له تأثير مؤذٍ على الفرد على المستوى الجسدي والعقلي. لنكون محددين أكثر، فالكورتيزول يتلف الخلايا في حُصَين الدماغ (منطقة أسفل الفصين الصدغيين ويؤدي دوراً مهماً في تكوين الذكريات) وتلفه يؤدي إلى ضعف التعلم. على المدى القصير الكورتيزول يتعارض مع قدرتنا على التفكير ومعالجة المعلومات. وبمعنى آخر، الغضب يجعل منا أغبياء. في الكيمياء الحيوية فالغضب كما نعلم يحفز استجابة الكر والفر fight or flight لدينا وهذا بدوره يحفز إنتاج الأدرينالين، الذي بدوره يغيّر مجرى الدم بعيداً عن الدماغ، وبطبيعة الحال يأخذ معه الأوكسجين بعيداً عن الدماغ فيزيد من تشويش تفكيرنا.
الحكمة هي واحدة من أقوى منتجات الصحة النفسية، وهي تمنحنا القدرة والشجاعة لرؤية الموقف بموضوعية أو حيادية ومن ثم الاستجابة بهدوء وروية ومنطقية بدلاً من السماح للغضب ليفسد علينا ملاحظاتنا وتقييمنا وحكمنا للوضع.
حتى بعد وضوح الحقائق، يمكن لفرد ذكي لكن ذو إيجو عالي أن يبقى محافظاً على سوء قراراته ومصراً على سلوكياته المؤدية لتدميره الذاتي. يبقى الفرد غير قادراً على إعلان انتصاره، فالإيجو يغير بدهاء تكتيكاته وخططه ويعلن لنا أن ما حدث هو مجرد قضاء وقدر أو ظروف خارجة عنا أو أن الآخرين متواطئون على الإيقاع بنا، كل هذا ليمنعنا من تحمل مسؤولية تصرفاتنا وحياتنا. ونصبح عالقون في هذه الأنماط ونتلاعب بالأحداث لتتكشف بما يتوافق مع توقعاتنا. وهذه رؤيتنا نحو العالم وتوقعاتنا منه!
أن نكون على صواب يضحي حاجة عاطفية ملحة أكثر من أن نفعل ما هو صائب. ونتصرف عكس مصلحتنا العليا لأنه وبلا وعي نحتاج لأن نثبت لأنفسنا وللآخرين أننا ضحايا! بهذه الطريقة نخلّد مأساتنا وبؤسنا، ونوجّه مجمل حياتنا لتسير وفقاً لقصتنا.
عالم النفس المشهور الدكتور Nathaniel Branden كتب عن إحدى الحالات التي عالجها وهي امرأة تربّت وكبرت معتقدة أنها (سيئة) وغير مستحقة للطف والاحترام والسعادة. بشكل متوقع تزوجت رجل يعتقد أنه غير محبوب وسشعر أنه يمتلئ بكره الذات self-hatred. عمل على حماية نفسه بالتصرف بقسوة مع الآخرين قبل أن يتصفوا بقسوة معه. الزوجة لم تشتكي من إساءته لأنها كانت تعلم أن الإساءة abuse كان قدرها. والزوج لم يكن مندهشاً من انسحابها المتكرر وبعدها عنه، لأنه كان (يعلم) أنه لن يحبه أحد أبداً. لقد عاشا 20 عاماً من العذاب معاً، مؤكدين على أنهما على حق فيما يتعلق بمعتقدات كل منهما عن نفسه وعن الحياة.
عندما نعاني من تدني تقدير الذات عادة ما نكون خائفين أن خطب ما سوف يصيبنا بعد الحدث الجيد الذي ظهر في حياتنا. عندما يبتسم لنا الحظ الجيد بشكل غير متوقع نشعر بالقلق بسبب شعورنا بقلة الاستحقاق. ولنخفف توترنا النفسي قد نعمل على تخريب نجاحنا لنحقق تنبؤاتنا ومعتقداتنا عن أنفسنا: العالم مثل ما نتوقعه. هذا هو المألوف لدينا وهذا حتماً يشعرنا بالأمان؛ لأن معتقداتنا – بغض النظر عن تشوهها – تم إعادة تأكيدها. سنكون بخير حتى لو أن هذا يدمرنا ويقضي علينا!
التسامح والاعتذار كلاهما يمنحاننا طعماً من الحرية المشاعرية. لهذا عادة ما نشعر بالتحسن بعد المسامحة. فقط عندما نكون أحرار تماماً يمكننا العطاء (تقديم الاعتذار أو المسامحة). هذا الفعل يعزز استقلاليتنا ويدعم مناعتنا النفسية. ومع ذلك فقبل محاولتنا الحصول على التسامح مع أنفسنا يتوجب علينا المضي قدماً بدقة متناهية. عندما انتهكت بوضوح احترام وثقة وحقوق شخص آخر، الطريق إلى التسامح يبدأ في إعادة الاتزان للعلاقة سواء علاقة شخصية أو مهنية. الاتزان يجلب لنا الإنصاف، وفي الإنصاف نحصل على التسامح.
بداية الاتزان مع مشاعر الغضب هي مراقبتها، ويتم ذلك من خلال تدوينها في مذكرة بمتناول اليد تخصصينها لمراقبة المشاعر. مراقبة المشاعر يجعل الفرد في حالة حضور (هنا والآن) بحيث يمكنه الفصل بين بصمات الماضي العاطفية وبين ما يحدث هنا والآن. كلما مررت بمشاعر غضب غير مبررة ارجعي لمذكرتك لقياس هذه المشاعر حسب العناصر الخمسة المذكورة أعلاه. أنصح بمراقبة مشاعر الغضب على الأقل 9 أيام متتالية (يجب أن تكون أياماً متتالية دون فراغات لإعادة برمجة اللاواعي). يمكنك تحميل ورقة مراقبة مشاعر الغضب
الأمهات البطلات الرائعات المميزات، اللاتي يحملن على أعتاقهن الكثير من المسؤوليات إلى جانب أكبر مسؤولية …
ديسمبر 28, 2022مع كثرة المعلومات والأفكار والأخبار حولنا خاصة مع ازدهار السوشال ميديا وتشتت الذهن بمجرد تحريك …
ديسمبر 11, 2022
Shevin | 17th سبتمبر 22
شكرا كتير ع اجتهادك الشخصي ل تلخيص الكتاب 🙏🥰🥰🥰