مراجعة مسلسل مدرسة الروابي

التنمر من المشكلات التي يسلط عليها الضوء مراراً في هذه الأيام. هل هي بسبب طريقة تربية هذا الجيل؟ أم أنها مشكلة لطالما وجدت بيننا وفي المدارس لكن لم يكن ليسلّط عليها الضوء. سابقاً كان الضحية لا يشعر بأهميته وقيمة ما يحدث له فيعزي أمر التنمر عليه إلى أنه ضعيف ولا حيلة له، لكن التوعية المستمرة بصد المتنمر واللجوء إلى شخص مسؤول لفك الأزمة وتعليم الضحية تكنيكات لأن يحمي نفسه هي الأداة الأمثل خاصة في بيئة تعليمية. في مراجعة مسلسل مدرسة الروابي سنتعرف عن الفكرة المجتمعية المطروحة في المسلسل وقيمة المحتوى وتوجهاته والعبرة (إن وجدت) التي سيستقيها طالب مدرسة يشاهد هذا المسلسل.

معلومات عن المسلسل والطاقم وأسماء الممثلين هنا

يمكنك مشاهدة نبذة تعريفية عن المسلسل في الفيديو التالي


بداية مسلسل مدرسة الروابي

عقدة مسلسل مدرسة الروابي

المتنمر ينتصر في مدرسة الروابي

العلاج النفسي للضحية لا المتنمر

الانتقام من المتنمر

التوعية ضد التنمر

الخطة الثلاثية في التصدي لمتنمرات مدرسة الروابي

نهاية مدرسة الروابي


بداية مسلسل مدرسة الروابي

يبدأ المسلسل بمشهد عنف وضرب للشخصية (مريم) في ساحة المدرسة الخلفية، شخصية مريم تمثل الطالبة النجيبة المؤدبة، ثم التحقيق مع الطالبات للاعتراف بما حدث ولم يتم الاعتراف من أي منهن.

مدرسة الروابي للبنات التنمر طالبات مدارس الضحية الوعي تربية واعية

ثم نرى مشهد ركوب الحافلة لفتيات مراهقات بمدرسة من مدارس النخبة على ما يبدو فنعرف لاحقاً أنه من يرتاد هذه المدارس هي طبقات معينة من المجتمع الأردني. نرى شكل الانضباط من ناحية الزي الموحد وركوب الحافلة وتواجد مشرفة الحافلة لكن سرعان ما تتبدد الصورة عندما تصعد مريم للحافلة وتتنمر عليها بعض الطالبات بنعتها بالصبي فليس عندها ملامح أنوثة كما تدعي المتنمرة (ليان) واكتفت مشرفة الحافلة بأن تقول: خلاص يا بنات اقعدوا! دون أن تتدخل وتسهم في تصحيح مفاهيم البنات أو أخذ إجراء أكبر.

مدرسة الروابي للبنات التنمر طالبات مدارس الضحية الوعي تربية واعية

ثم يتم التنمر على صديقتها الأخرى (دينا) لوزنها الزائد وأكلها الكثير. ثم نرى كيف أن الشخصية (ليان) دبرت خطة لتشتيت انتباه مشرفة الحافلة والسائق فتهرب من الحافلة في موعد مع صديقها.

نرى التناقض في طابور الصباح وكيف تصب المدرّسات اهتمامهن بشكل الطالبات وملابسهن وأظافرهن حتى تمت إحالة إحداهن لشؤون الطلبة لأن على قميصها آثار شاي وقع بالخطأ! وعلى النقيض رأينا التسيب الحاصل والسماح لإحدى الطالبات بالهروب من الحافلة، من هنا نبدأ فهم مبادئ المدرسة والخلل الحاصل فيها.


عقدة مسلسل مدرسة الروابي

نرى لاحقاً حجم التنمر وأبعاده حيث أنه طال اللعب الرياضي فنرى ليان تقصي مريم من اللعب وعندما تطلب منها المدربة تمرير كرة السلة تمررها بعنف ظاهر فتتسبب بإصابة لمريم.

مدرسة الروابي للبنات التنمر طالبات مدارس الضحية الوعي تربية واعية

حتى الآن ليست هناك أية إجراءات معينة يتم أخذها ضد المتنمر ولا حتى توجيه! يستمر الاستفزاز فنرى مشهد غرفة تغيير الملابس وكيف يتم التنمر مجدداً وبشكل مفرط على الشخصية مريم لأن صدرها صغير! وتفتعل الشخصية ليان موقفاً بأن ترمي نفسها على مريم وتدعي أن مريم تحاول لمسها. هنا نرى أنه تلميح للشذوذ بين البنات بل أنه أعطى البنات المراهقات فكرة سهلة التطبيق، ومن أبحاثنا نعرف أن الشذوذ الجنسي قد يكون نتيجة تحرش في الطفولة أو مشاهدة نفس الجنس عراة في غرف التبديل فيعجب الفرد بما رأى وتنحرف فطرته.

مدرسة الروابي للبنات التنمر طالبات مدارس الضحية الوعي تربية واعية

هذا يمثل عقدة الأحداث فمن بعده ذهبت مريم للمديرة وأخبرتها أن ليان هربت يوماً من الحافلة، ونرى مجدداً انتكاسة المبادئ في هذه المدرسة، فالمديرة تخبر ليان أن طالبة من محيطك وشت بك! وبهذا هي تؤجج نار الفتنة بين البنات دون توفير حماية للواشية. ثم نرى المديرة تغطي على فعلة ليان؛ لأن والد ليان شخص مهم في الدولة ويدعم المدرسة بزياراته.

مدرسة الروابي للبنات التنمر طالبات مدارس الضحية الوعي تربية واعية

ثم تأتي مدرّسة أخرى للمديرة تستنكر عليها أنها تركت ليان تنجو بفعلتها دون إخبار والديها، فتجيبها المديرة: أن وضع المدرسة حساس هذه الفترة وهي تحتاج دعم والد ليان.

مدرسة الروابي للبنات التنمر طالبات مدارس الضحية الوعي تربية واعية

يتم تشويه صورة مريم الطالبة النجيبة المؤدبة. فنرى أنه بعد أن تم تعنيفها وضربها في ساحة المدرسة وبعد أن لم يثمر التحقيق في معرفة الجاني يتم عقد اجتماع في المدرسة، وللغرابة حيث أن شخصية مريم مثلت تناقضاً فهي لم تعترف بمن قام بضربها بل ادعت أنها فقدت الذاكرة بهذا الحادث، فجاءتها الضربة الثانية حيث أن ليان اعترفت أنها الفاعلة لأن مريم تحرشت بها وهي كانت فقط تدافع عن نفسها، وبهذا فرت من العقاب بل وكسبت التعاطف وحشرت مريم بالزاوية، حتى أن أم مريم صدقت الأكذوبة واستعرّت من بنتها. عند هذا الحدث توقعت أن يبدأ المسلسل بإعطائنا أدوات بعد هذا الموقف؛ لأننا فهمنا أن التستر على المتنمر غير مجدي فكان من الجدير أن يعلمنا البدائل!

مدرسة الروابي للبنات التنمر طالبات مدارس الضحية الوعي تربية واعية


المتنمر ينتصر في مدرسة الروابي

حتى الآن لم نرَ مشهداً واحداً فيه إطاحة بالمتنمر فهذا المتنمر هو يعرف ما يفعل، هذا المتنمر صاحب نفوذ وشعبية بالمدرسة ولديه عدة أذرع وجماعة تدعمه، فصديقات ليان رقية ورانيا يقفن بظهرها ويساعدنها في مخططاتها، لم نرَ بالمسلسل ماذا تقدم ليان لهما بالمقابل بل أنه على النقيض نرى لاحقاً أن الوضع المادي لأهل ليان هو الأسوأ، فلم نفهم حقاً دوافع أصدقاء المتنمر باستثناء الشعبية بالمدرسة. وهذه الشعبية طبعاً تأتي بشكل خوف الآخرين منهن؛ فمثلاً يدخلن الحمام لعقد الخطط ويطلبن من الجميع المغادرة فيغادرن! يطلبن من الجميع تبديل مقاعدهن بالحافلة فيفعلن! ولاحقاً أصبح طموح الفتيات الانضمام لمجموعة المتنمرات تلك لما لها من نفوذ وحماية. السؤال هنا، لماذا يكون المتنمر هو المحمي ويغدو طموح الطالب الانضمام لجماعة التنمر لتأمين نفسه في بيئة المدرسة.


العلاج النفسي للضحية لا المتنمر

نرى في المسلسل أن مريم ابتدأت علاجاً نفسياً والذي يثير السخرية أن مُعالجتها تخبرها أن مشكلتها هي الغيرة من ليان فلديها شعبية! وهنا تنزعج مريم بذلك الحكم الذي وضعته معالجتها فهي لا تفهمها. تقترح عليها أن تكتب مذكراتها فذلك سيساعدها بالتخفيف من التوتر.

المفارقة المضحكة هو أن العلاج النفسي يُقترح للضحية وليس المتنمر. وكان من الجميل أن نفهم الدوافع النفسية للمتنمر ويأخذ بيدنا السيناريو لنتابع تشافي المتنمر؛ فحتى الآن المشاهد يرغب في لمس حلول للطلاب في المدارس فليس من المعقول هذا الإنتاج الجميل يذهب هباءً دون تقديم حلول!


الانتقام من المتنمر

لاحقاً وبرغبة من مريم بالانتقام، تفتعل إنذار حريق كاذب وتأخذ هاتف ليان إلى الميكروفون على مسمع من جميع الطالبات والمعلمات وتفتح الرسائل الصوتية بينها وبين أفراد شلتها وفيها الكثير من التنمر على المعلمات.

فقط عند هذه النقطة بعد أن تم التنمر على ذوات المعلمات شخصياً يبدأن بالتحرك والتصدي للمتنمرات، فيعطين لباس التنظيف ويطلبن منهن تنظيف المدرسة كنوع من العقاب.

من هنا تبدأ حركات الفعل ورد الفعل بين المتنمر والضحية حتى يغدو فجأة الجميع متنمر ولا مكان للبريء بينهن. المحرك الأساسي الآن هو الإيجو المرافق لمريم الذي انجرح ويريد الثأر الآن. فتتوالى أحداث فيها رد على المتنمر بتنمر مثله وحقيقة لم أفهم ما الهدف من المسلسل عند هذه النقطة، فكل الأحداث التالية متشابهة بالدوافع والنتائج.


التوعية ضد التنمر

نرى أن المدرسة قامت بمبادرة وجاءت بمختصة تلقي محاضرة عن التنمر للطالبات فاستبشرنا خيراً حينها، لكن سرعان ما تبدد الأمل ولم يتم تقديم حلول. طلبت المختصة أن تقوم طالبتان بموقف تمثيلي عن التنمر، فقامت نوف بدور المتنمر وليان كانت الضحية، وهذا لم يقدم شيئاً إلا حاجة في نفس نوف التي تتوق لمناصرة المظلوم خلسة. فهذا الموقف منحها شعور جميل واكتفت به! وقد أضحكت الجمهور والمعلمات معها، وهذا ما يحدث في كل مرة أن يضحك الجميع مع المتنمر بغض النظر على من جاء الدور ليكون متنمراً.!

وددنا أن تقدم لنا المختصة طريقة للرد على المتنمر من خلال الموقف التمثيلي لكن لم نر ذلك، لقد اختتمت الموضوع بأن

عودا لمقعديكما. وما زلنا نتساءل عن دور المسلسل الاجتماعي خاصةً في حياة طلاب المدارس.


الخطة الثلاثية في التصدي لمتنمرات مدرسة الروابي

تجتمع الصديقات الثلاث مريم ونوف ودينا وما يجمعهن هو الشعور بالظلم من المتنمر ويقررن أن يبدأن خطة محكمة لتدمير المتنمرات في المدرسة.

يبدأن بالتنفيذ في اليوم المفتوح في المدرسة ويقررن أن يتخلصن من واحدة من أفراد شلة المتنمرات (رقية)، ينتحلن شخصية شاب ويحادثنها بأحد مواقع التواصل الاجتماعي ويطلب منها هذا الشاب أن ترسل صورتها بلا حجاب. هنا تتذكر صديقاتها اللاتي قالوا لها (أنت معقدة) عندما تمسكت بحجابها ومبادئها! لأنه حتى شلة المتنمرات ذاتها يتم فيها التنمر على بعضهن البعض. والآن تقرر أن تخلعه وترسل صورتها.

وبمجرد أن ترسل صورتها بدون حجاب تأخذ نوف صورتها وتهكّر حسابها وتنشر صورتها على الفيسبوك فتراها كل طالبات المدرسة وكذلك أمها. فتأتي أمها لاصطحابها من المدرسة وتأنيبها على فعلتها. وتتفق الأم مع المدرسة على أن رقية ستترك المدرسة. الشيء المضحك أن المسلسل يرينا كيف أن الكل متنمر بطريقة أو بأخرى؛ فصديقاتها نعتنها بالمعقدة بسبب حجابها وبعض الطالبات بعد رؤيتهن نشر صورتها بلا حجاب تنمرن عليها ونعتنها بعديمة القيمة وغيرها!

في اليوم التالي أدركت نوف ودينا أنهن دمرن حياة رقية بفعلتهن وبدأن يشعرن بالتأنيب. أما مريم فكانت مستمتعة بالمشهد.

تتوالى الأحداث والمقالب والكيد والكر والفر حتى تخرج الطالبات في رحلة مبيت، وهنا تقوم مريم بتغيير ترتيب الإقامة في الغرف فتضع اسم نوف صديقتها في غرفة ليان. وهي هنا تضحي بصديقتها ومتعتها لأجل إنجاح خطتها، هنا يتأكد المشاهد من تحول غريب طرأ على شخصية مريم؛ فحتى إن كانت يوماً ما ضحية فلا يمكن الرد على الخطأ بخطأ.

خلال إقامة نوف مع ليان استطاعت لمس جانب في شخصيتها، حتى أنها أخبرت مريم أنها بدأت تراها كإنسان مثلنا. ثم نرى مشهد التحرش الذي تتعرض له نوف في مسبح السبا.

من الجميل أن المسلسل عرض لنا ردة فعل المعلمة على التحرش وأنها أخبرت البنات أن الحق مع الرجل فلباسهن غير مناسب، ثم جاء المتحرش وغمز المعلمة مع أنها تلبس حجاب ولباس ساتر! هنا إشارة إلى أنه لا مبرر للمتحرش، ونفهم شيئاً آخر وهو أن الكثير من الفتيات لا يشتكين لأمهاتهن والمحيط عن مواقف التحرش التي تعرضن لها لأنهن لن يلقين الدعم بل اللوم.


نهاية مدرسة الروابي

تهرب ليان مجدداً إلى شاليه حبيبها وتترصد لها مريم هذه المرة. مريم هنا تجسدت في قمة رغبتها بالثأر. على الصعيد الآخر نرى إحدى المدرسات أيضاً تتدخل هذه المرة دون علم المديرة وتتصل بأهل ليان وتخبرهم أنها هربت وأنها ليست المرة الأولى.

وبالوقت ذاته ترسل مريم رسالة نصية إلى أخي ليان بموقع شاليه صديق ليان، وما كان منه إلا أن خرج مسرعاً للمكان المشار إليه ونزل حاملاً المسدس.

المشهد مؤلم جداً فحتى اللحظة الأخيرة كانت الرابطة الأخوية قوية ولم يكن الأخ قادراً على إنهاء حياة أخته وهنا رغبت بشدة في تغيير السيناريو؛ فما الجديد الذي أضافه المسلسل وما المشكلة المجتمعية التي ساهم في حلها في بلد تتداول أخباره جرائم الشرف. رغبت أن تكون النهاية مختلفة وأن نرى الأخ يدعم أخته حتى في خطئها ليساعدها على التطوير والتحسين. لو أن نهاية القصة تغيرت وتم تقديم نموذج جديد للتعامل مع القصص المرتبطة بالشرف أو حتى تحكيم الدين وإلقاء إضاءات على كيفية التعامل السليم كما أمرنا الدين في هذا الموضوع.

هنا شعرت بخيبة الأمل ولم أر أي قيمة لهذا العمل، على الرغم من جودة الإنتاج والألوان والتصميمات، واختيار الأغاني ومحاولة رائعة لمواكبة العالمية، لكن ما فائدة كل هذا الإنتاج بقصة لا تقدم ولا تؤخر! مسلسل كهذا حصد العديد من المشاهدات وكان بإمكانه التأثير في موضوع التنمر في المدارس والتحرش وجرائم الشرف، لو قدم لنا قيمة جديدة لكان أداة مساعدة في تطوير المجتمع.

تظهر لنا في النهاية كيف أن البنات اتحدن وحاولن الكثير مع مريم لوقف شيطانها لكن الشر وحب الانتقام كان المسيطر.


يمكنك قرراءة مراجعة مسلسل العطية هنا

ومراجعة فيلم عزيزتي الحياة هنا

فتاتة تروي قصة طالبة انتحرت بسبب التنمر


فيديو لفهم سيكولوجية المتنمر وفنون الرد عليه