لماذا من الصعب جداً أن نظل حاضرين؟ الحضور هنا والآن أضحى من أصعب الممارسات في الحياة اليومية؛ والسبب يكمن في مشاعرنا العميقة المنطبعة في عقلنا اللاواعي منذ الطفولة المبكرة وتشكل بصمة عاطفية. نحن لسنا معطوبين أو نحتاج للإصلاح، نحن فقط نحتاج إلى التشافي لنعود إلى ذاتنا الأصلية التي كنا عليها يوماً. الحضور هنا والآن كفيل بتكامل كل تلك المشاعر المحبوسة، كتاب عملية الحضور لمايكل براون يأخذ بيد القارئ الممارس لأجل الوصول للحضور، وبمجرد الحضور يحدث التشافي. هذا المقال سوف سشرح عملية الحضور، ماهي؟ وكيف ؟ ولماذا؟ كما يمكنك تحميل الملف الجاهز للطباعة في نهاية هذا المقال لتسهيل متابعة عملية الحضور
ورقة المتابعة الفردية جاهزة للتحميل
الكتاب عبارة عن أداة للتنظيف اللاواعي من تجارب الماضي السلبية باستخدام التنفس المتصل في سبيل الوصول إلى درجة الحضور في اللحظة الحالية. في الأصل جميع أدوات وتكنيكات التشافي متفقة على هدف واحد و هو الاتصال بالذات الأصلية، ويمكننا الاتصال بذواتنا الأصلية بطريقة واحدة فقط وهي عيش اللحظة هنا و الآن أي الحضور
عملية الحضور كيف وماذا ولماذا؟ الكتاب مقسم لقسمين، قسم نظري والآخر عملي. القسم العملي هي رحلة تمتد لعشرة أسابيع في الدورة الواحدة، و الكاتب ينصح بتكرار الدورة ثلاث مرات لتثبيت توليفة الحضور. يعمل الكتاب على مخاطبة جوانبك المختلفة كالجانب المادي (الجسدي) والذهني (الفكري) والعاطفي (المشاعري). وفي كل دورة نزيل طبقات مشاعرية من السطح فتتكشف لنا الطبقات تحتها ونعمل عليها وعلى تكاملها واتزانها في سبيل التطور المستمر الجميل
بوصولنا للحضور وعيش اللحظة الحالية نصل لحالة الاتزان والاستجابة الواعية لظروف حياتنا بناءً على المعطيات الحالية، وتتأثر جودة تجربتنا في الحياة بناء عليها، وَضع الكتاب اختصار لطريق التشافي أي بدل التركيز على كل صدمة على حدة ومعالجتها، هنا نعمل على تجميع إدراك اللحظة الحالية، ومجرد النجاح بعيش اللحظة يخرجنا من أزمة اللاواعي الذي يجلب لنا مشاعر الماضي أو الخوف من المستقبل. الكتاب لا يطلب منا تذكر أحداث من الطفولة بالتفصيل إنما يطلب منا تتبع أحاسيس الجسد المرافقة لأحداث اللحظة الحالية أثناء عيش يومنا. فتتكشف لنا في كل أسبوع مواقف تستفز لدينا مشاعر معينة تطفو على السطح قادمة من الماضي ومؤثرة على الحاضر، يقترح علينا الكاتب أن نتذكر آخر مرة شعرنا بهذا الإحساس بالجسد ونستمر بالعودة للوراء للوصول لمواقف حفزت فينا المشاعر نفسها على اختلاف المواقف
بداية التشافي الذاتي من المشاعر غير المتزنة عمل ليس بالهين وفيه الكثير من التخبط، أين تبدأ وماذا تفعل، فيأتي هذا الكتاب يقدم لنا حل سهل تقوم به ليحرك اللاواعي ويعكسه أمامك لتفهم نفسك. والتطور الروحي رحلة تمتد مدى الحياة ومن الجميل البدء فيها لرفع جودة الحياة؛ فالحياة لم تأتي بكتيّب كيف تعمل الحياة لكن استجاباتنا لظروف الحياة نحن من يتحكم بها
عملية الحضور هي طريقة ذاتية للتطور المشاعري؛ ذاتية بمعنى أنه لا يمكن لأحد أن يقوم بها بدلاً عنك. تتوجه العملية إلى إدراكنا الحسي الذي تم زرعه فينا خلال السبع سنوات الأولى وسوف تستمر بإزعاجنا حتى يتم تكاملها، وإلا فستستمر بإزعاجنا وتنتج عنها ردات فعل ذهنية وفكرية تتجلى بظروف ومواقف نختبرها على نحو مادي. آلية العمل قائمة على تكامل الماضي (الطفولة) المتمثل في مشاعر الخوف والحزن والغضب، والوصول لحالة من الحضور بالوعي باللحظة الحالية. الحالة التي يصل لها المرء عند الحضور هي الاستجابة الواعية لظروف وأحداث الحياة بدلاً من السلوك القائم على ردود الأفعال. ردود الأفعال تقوم بمجملها على ربط لا واعي بين الحدث الذي يمر بنا الآن وبين حدث يحرك فينا نفس المشاعر حدث معنا سابقاً؛ فتكون النتيجة ردة فعل واحدة لكل الأحداث التي تدور في حياتنا حاملة المشاعر ذاتها
طريقة الكتاب في الوصول للحضور تتم عن طريق التنفس المتصل الواعي، مرتين في اليوم لمدة 15 دقيقة. تتم عمليتا . الشهيق و الزفير كلتاهما من الأنف حتى لا يختل توازن الأكسجين وثاني أكسيد الكربون. يذكر لنا الكاتب أنه على الرغم من بساطة العملية إلى أن العديد من الأشخاص يلقون أعذاراً لتمنعهم عن العملية
الكتاب مرتب بالأسابيع وفي كل أسبوع يحدد الكاتب استجابات واعية تشبه التوكيدات وتكون عبارة عن ثيم حاكم للأسبوع ومن خلال هذا الثيم يتم التركيز على الاستجابات الحسية والمشاعرية والذكريات التي تتجدد من خلال المواقف الحياتية والأحداث التي نمر بها خلال الأسبوع. ويلزم ترديد هذه الاستجابات كلما كنا ساكنين ذهنياً خلال اليوم مع عدة أنفاس متصلة، كما يمكن ترديدها ذهنياً خلال التنفس المتصل مثل: شهيق (أنا) / زفير (أكون) / شهيق (هنا) / زفير (والآن)
الجانب العملي من الكتاب يخصص لكل أسبوع نص معين يلزم قراءته لأجل فهم الأدوات الإدراكية وتطبيق الاستجابات بناء على ثيم الأسبوع. في الأسابيع الأخيرة يتم إضافة عنصر الماء بجانب التنفس لأجل الوصول لإدراكات حسية معينة
هناك ثلاث دورات أساسية في حياة الإنسان، تبدأ الدورة الأولى من لحظة الولادة حتى سن السابعة فتحدث تطورات في الجانب العاطفي المشاعري وهذه الدورة تعنى حصراً بهذا الجانب، فالنمو العاطفي الأولي يبدأ منذ لحظة الولادة وحتى عمر السبع سنوات، ومنذ أن غادرنا دورة السبع سنوات الأولى لم يحدث أي شيء جديد وبالرغم من أنه قد يبدو أننا نتحرك يومياً في ظروف مادية وتجارب عقلية جديدة فعلى المستوى العاطفي لا يتغير أي شيء إلا إذا تكاملنا معه بشكل واعٍ
الدورة الثانية تبدأ من سن السابعة حتى الرابعة عشر يتم فيها التطور الذهني أو الفكري فتحدث مرحلة انتقالية وهي الخروج من نمو الجانب العاطفي إلى تنمية المهارات العقلية ومهارات التواصل الأساسية من القراءة والكتابة وإرشادنا للسلوك المناسب للمجتمع
أما الدورة الثالثة تبدأ من عمر 14 سنة وحتى 21 سنة وتركز على نمو الجسد المادي فيتميز هذا الانتقال بالتركيز على زيادة الوعي البدني ببيئتنا والعلاقات لدينا وما يراه الآخرون ضروري بالنسبة لنا لكي نؤثر في المجتمع، ويترجم هذا الانتقال من التعبير العقلي إلى التعبير البدني مع تجربة المراهقة التي تركز على نمو علاقتنا مع العالم المادي
.
مقطع من الكتاب
وهكذا نتوضح أن سبب تجربتنا المادية الحالية لا يكمن في الظروف المادية الحالية ولا في شكل تفكيرنا الحالي وأن دورة السبع سنوات الأولى (المشاعرية) هي السبب وراء تجاربنا المقلقة الحالية
البذور العاطفية التي يتم غرسها في البداية من خلال الإدراك الحسي خلال السنوات السبع الأولى ينتج عنها متاعب مستمرة إلا إذا تم تكاملها بشكل واعٍ، ومن هذه المتاعب المستمرة فإننا نقوم بتصنيع حالات رد فعل عقلية وأطلق عليها الكاتب اسم البصمات العاطفية
وضع الكاتب مايكل براون عدة أسباب لهذا الشيء؛ فقد تكون أول مرة نقوم بعمل شيء حقيقي لأنفسنا بدون موافقة الآخرين فيبدأ البعض بالبحث عن تأييد المحيطين ودعهمهم وعندما لا يحصلون عليه يتوقفون عن المضي قدماً بالعملية، أو قد يكون المحيطين بهم استخفوا بالعملية من غير تجربتها وقالوا كلاماً مثل: نحن كائنات حية تتنفس بالأصل كيف يمكنك تصديق هذه الخرافات! أو قد يكون أحد الأشخاص نصحنا بالقيام بهذه العملية فقررنا التجربة دون رغبة حقيقية وعميقة منا بتجربة الحضور
وممكن أن يحدث أن قررنا اختبار هذه التجربة لأجل الحصول على شيء معين، مثلاً شخص يدخل الحضور بهدف تنظيف انعكاسه والحصول على ترقية بالعمل، هنا المحفز خارجي وليس داخلي فيصعب إكمال عملية الحضور
الكتاب بتطبيقاته وضع لاختصار طريق التشافي وبدل التركيز على كل صدمة على حدة نعمل على تجميع إدراك اللحظة الحالية، ومجرد النجاح بعيش اللحظة يخرجنا من أزمة اللاواعي الذي يجلب لنا مشاعر الماضي
الكتاب لا يطلب منا تذكر أحداث من الطفولة بالتفصيل إنما فقط يطلب منا تتبع إحساسات الجسد المرافقة لأحداث اللحظة الحالية أثناء عيش يومنا، ومن ثم يطلب منا تذكر آخر مرة شعرنا بهذا الإحساس بالجسد ونستمر بالعودة للوراء للوصول للموقف الأول الذي أحسسنا به وهو بالعادة تحت عمر السبع سنوات
الكاتب يطلب منا أن تتم عمليتا الشهيق والزفير من الأنف حتى لا يختل توازن الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الجسم، إلا في حالة انسداد الأنف لسبب مرضي يمكننا استخدام الفم
ويطلب منا وضع مجهود في الشهيق، لكن يتم الزفير بشكل تلقائي مع تساوي مدة كل منهما، والمطلوب أن يكون التنفس متصل لمدة لا تقل عن 15 دقيقة بالجلسة الواحدة
يعتمد عليك كيف تستقبلين معلومات التشافي هل اعتدت على استقبالها باللغة العربية أم الإنجليزية. عموماً قراءة الكتاب بلغته الإنجليزية الأصلية أفضل، فالترجمة العربية ليست معبرة بالشكل الكافي لكنها تظل خيار جيد. بالنسبة لي قرأت النسخة الإنجليزية كما أني قرأت النسخة العربية القديمة والجديدة وأرى أنه لو نوى الشخص الحضور فستتجلى النية بغض النظر عن اكتمال فهم الكتاب
التنفس المتصل بدون موسيقى؛ لأن المطلوب الوصول لحالة عمل لاشيء! وبدون تخيل أو سماع شيء، فقط تنفس متصل واعي وترديد الاستجابة الواعية ذهنياً وثبات وضعية الجسم خلال الجلسة للوصول للحضور التام
يخبرنا الكاتب أنه بمجرد البدء بممارسة التنفس المتصل بالجلسات من الطبيعي أن تبدأ معنا الدراما فيخبرنا أنها إما أن تكون دراما قديمة أو إيجو يحاول تشتيت انتباهك لأن الإيجو لا يزال غير مقتنع أنه المسؤول عن جودة تجربتك في الحياة. الحل هو الاستمرار بالتنفس ومع الممارسة نتطور
النوم يحدث بسبب إيقاظ ذكريات كثيرة من اللاواعي والحل أن نضاعف سرعة التنفس
هذه النقطة مهمة جداً في العملية لأن الذي يحدث خلال العملية كثير على المستوى اللاواعي وهو كفيل باستدعاء أحداث تستفز بداخلنا مشاعر متراكمة منذ سنوات وتتكرر ولم يتم تكاملها بعد. يلزم أن تكون على دراية بتكنيكات أو أدوات تمكنك من التعامل مع تلك المشاعر لأجل تفريغها ثم تحريرها
إخلاء مسؤولية الكاتب مايكل براون ينصح بتجربة التنفس المتصل مدة عشرة أسابيع ثم الاستراحة مدة ما يقارب شهر ونصف، وهذه الاستراحة ضرورية لأجل التكامل المشاعري والحسي، ثم بدء دورة جديدة لمدة عشرة أسابيع أخرى إن أردنا. هذه التجربة لا يلزم أن تكون أسلوب حياة إنما هي كالدواء تأخذه فترة معينة لأجل العلاج ثم تنقطع حاملاً معك المنافع فقط
الأمهات البطلات الرائعات المميزات، اللاتي يحملن على أعتاقهن الكثير من المسؤوليات إلى جانب أكبر مسؤولية …
ديسمبر 28, 2022مع كثرة المعلومات والأفكار والأخبار حولنا خاصة مع ازدهار السوشال ميديا وتشتت الذهن بمجرد تحريك …
ديسمبر 11, 2022
مروة | 11th سبتمبر 22
اروع واقوى محتوى ما شاءالله بارك الله بك ووفقك وزادك من كل خير